الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.صلح الأشرف مع مظفر الدين. ولما ملك الأشرف سنجار سار إلى الموصل ووافاه بها رسل الخليفة الناصر ومظفر الدين صاحب أربل في الصلح ورد القلاع المأخوذة من إيالة الموصل على صاحبها لؤلؤ ما عدى العمادية فتبقى زنكي وتردد الحديث في ذلك شهرين ولم يتم فرحل الأشرف بقصد إربل حتى قارب نهر الزاب وكان العسكر قد ضجروا سوء صاحب آمدمع مظفر الدين فأشار باجابته إلى ما سأل ووافق على ذلك أصحاب الأشرف فانعقد الصلح وساق زنكي إلى الأشرف رهينة على ذلك وسلمت قلعة العقر وشوش لنواب الأشرف وهما لزنكي رهنا أيضا وعاد الأشرف إلى سنجار في رمضان سنة سبع عشرة وبعثوا إلى القلاع فلم يسلمها جندها وامتنعوا بها واستجار عماد الدين زنكي بشهاب بن العادل فاستعطف له أخاه الأشرف فأطلقه ورد عليه قلعتي العقروشوش وصرف نوابه عنهما وسمع لؤلؤ الأشرف يميل إلى قلعة تل أعفر وأنها لم تزل لسنجار قديما فبعث إليه بتسليهما والله تعالى أعلم..رجوع قلاع الهكارية والزوزان إلى طاعة صاحب الموصل. لما رأى زنكي أنه ملك قلاع الهكارية والزوزان وساوة فلم يروا عنده ما ظنوه من حسن السيرة كما يفعله لؤلؤ مع جنده ورعاياه اعتزموا على مراجعة طاعة لؤلؤ وطلبوه في الإقطاع فأجابهم واستأذن الأشرف فلم يأذن له وجاء زنكي من عند الأشرف فحاصر العمادية ولم يبلغ منها غرضا فأعادوا مراسلة لؤلؤ فاستأذن الأشرف وأعطاه قلعة جديدة ونصيبين وولاية بين النهرين وأذن له في تملك القلاع وأرسل نوابه إليها ووفى لهم بما عاهدهم عليه وتبعهم بقية القلاع من أعمال الموصل فدخلوا كلهم في طاعة لؤلؤ وانتظم له ملكها والله تعالى أعلم..استيلاء صاحب الموصل على قلعة سوس. كانت قلعة شوش وقلعة العقر متجاوتين على اثني عشر فرسخا من الموصل وكانتا لعماد الدين زنكي بن نور الدين أرسلان شاه بوصية أبيه كما مر وملك معها قلاع الهكارية والزوزان ورجعت إلى الموصل وسار هو سنة تسعة عشر إلى أزبك بن البهلوان صاحب أذربيجان من بقية السلجوقية فسار معه وأقطع له الإقطاعات وأقام عنده فسار لؤلؤ من الموصل إلى قلعة شوش فحاصرها وضيق عليها وامتنعت عليه فجمر العساكر لحصارها وعاد إلى الموصل ثم اشتد الحصار بأهلها وانقطعت عنهم الأسباب فاستأمنوا إلى لؤلؤ ونزلوا له عنها على شروط اشترطوها وقبلها وبعث نوابه عليها والله تعالى أعلم..حصار مظفر الدين الموصل. كان الأشرف بن العادل بن أيوب قد استولى على الموصل ودخل لؤلؤ في طاعته واستولى على خلاط وسائر أرمينية وأقطعها أخاه شهاب الدين غازي ثم جعله ولي عهده في سائر أعماله ثم نشأت الفتنة بينهما فاستظهر غازي بأخيه المعظم صاحب دمشق وبمظفر الدين كوكبري وتداعوا لحصار الموصل فجمع أخوهما الكامل عساكره وسار إلى خلاط فحاصرها بعد أن بعث إلى المعظم صاحب دمشق وتهدده فأقصر عن مظاهرة أخيه واستنجد غازي مظفر الدين كوكبري صاحب أربل فسار إلى الموصل وحاصرها ليأخذ بحجزة الأشرف عن خلاط ونهض المعظم صاحبها دمشق لإنجاد أخيه غازي وكان لؤلؤ صاحب الموصل قد استعد للحصار فأقام عليها مظفر الدين عشرا ثم رحل منتصف إحدى وعشرين لامتناعها عليه ولقيه الخبر بأن الأشرف قد ملك خلاط من يد أخيه فندم على ما كان منه..إنتقاض أهل العمادية على لؤلؤ ثم استيلاؤه عليها. قد تقدم لنا انتقاض أهل قلعة من أعمال الموصل سنة خمس عشرة ورجوعه إلى عماد الدين زنكي ثم عودهم إلى طاعة لؤلؤ فأقاموا عل ذلك مدة ثم عادوا إلى ديدنهم من التمريض في الطاعة وتجنوا على لؤلؤ بعزل نوابه فعزلهم مرة بعد أخرى ثم استبد بها أولاد خواجا إبراهيم وأخوه فيمن تبعهم وأخرجوا من خالفهم واظهروا العصيان على لؤلؤ فسار إليهم سنة اثنتين وعشرين وحاصرهم وقطع الميرة عنهم وبعث عسكر إلى قلعة هزوران وقد كانوا تبعوا أهل العمادية في العصيان فحاصرهم حتى استأمنوا وملكها ثم جهز العساكر إلى العمادية مع نائبه أمين الدين وعاد إلى الموصل واستمر الحصار إلى ذي القعدة من السنة ثم راسلوا أمين الدين في الصلح على مال وأقطاع وعوض عن القلعة وأجاب لؤلؤ إلى ذلك وكان أمين الدين قد وليها قبل ذلك فكان له فيها بطانة مستمدون على عهده ومكاتبته وسخط كثير من أهل البلد فعل أولاد خواجا إبراهيم واستئثارهم بالصلح دونهم فوجد أولئك البطانة سبيلا إلى التسلط عليهم ودسوا لأمين الدين أن يبيت البلد ويصالحهم فوثبوا بأولاد خواجا ونادوا بشعار لؤلؤ فصعد العسكر القلعة وملكها أمين الدين وبعث بالخبر إلى لؤلؤ قبل أن ينعقد اليمين مع وفد أولاد خواجا والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق.
|